بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الإنسان في هذه الحياة الدُّنيا يدب على وجه الأرض ماشيًا مكبًا على وجهه يطغى ويتكبر ويتجبر، لا يفكر كيف كان، ولا كيف منشأه ومبدأه.
ولكن ... يا عزيزي ... لي معك وقفة في ماضيك، ووقفة مع حاضرك.
أما ماضيك الذي أنت نسيته ولم يُنس .. أنك خرجت من بطن أمك عُريانًا باكيًا، جائعًا فمن الذي يسر لك الكوسة وكساك من عدم ؟ ومن الذي منَّ عليك بالاطمئنان وطيبة النفس؟ ومن الذي أشبعك من جوع ... ؟ إنه الله ... إذا علمت الآن فقرك لمن يكون .. إنه له وحده، ليس الفقر يا محب الخير هو فقد المال، لا، إن الفقر الحقيقي هو الفقر إلى الله.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ.
فاعلم أن فقرك إلى الله فقر ملازم لك لا ينفك عنك، كما أن غناه سبحانه غنى ذاتي له، فحاجتك إلى الله دائمة، حينما ابتعدت عن الله واستغنيت عنه، سرت خلف من سرت ولو استشعرت حق الفقر، لما تجرأت على الغني الحميد، ولو علمت فقرك إلى الله لما استغنيت إلا بالعزيز الحميد، فلذلك يا باغي الخير أقبل على الله، واستغن به في كل الأمور، واجعله من تستعين به في النوائب والشدائد والسرَّاء والضرَّاء، فإذا استشعرت فقرك إلى الله، استشعرت ما قابلت به ربك من أعمال، ليكن شعارك:
أنا الفقير إلى رب البريات
أنا المسكين في جموع حالاتي
وقوله:
والفقر وصف لازم لي أبدًا
كما الغنى وصف له ذاتي
أما وقفتي مع حاضرك المعلوم فليس المبخر كالمعاين، فحاضرك تجبر وإظهار للقوة، فإني سائلك من الذي أعطاك هذه القوة ؟ أليس هو الله ؟...على من تتجبر؟ وعلى من تظهر قوتك وسطوتك ؟ أليس الذي أعطاك قادرا أن يسلبك؟ بلى ورب الكعبة .. فأنت تجبرت على مولاك، وأظهرت غناك عنه، فنسيته فنسيك، ومن نسيه الله ضاع حيرانًا في الأرض وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.
وأضرب لك مثلاً .. أليس من صنع هذه السيارة بقادر على أن يبطل نشاطها وحركتها وأن يسلب منها قوتها...؟ بلى ولله المثل الأعلى .
فالذي أعطاك القوة والفتوة قادر على أن يسلبها منك، فكن على حذر أن تؤخذ على غِرَّة : قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ.
وقارون هذا آتاه الله من المال ما يُعجز عن وصفه إلا بقوله تعالى: إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ.
ولكن هذه الدنيا لم تكن لتصلح للتجبر والتسخط، إنما هي التواضع وعدم العلو، فذلك هو الغنى الحقيقي، إنما الغنى غنى النفس .. تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ.
منقول من كتيب اليك احي المسلم
للوصول الينا ومتابعة كل جديد
اكتبي بمحرك البحث (منتدى عـدلات) او (3dlat)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الإنسان في هذه الحياة الدُّنيا يدب على وجه الأرض ماشيًا مكبًا على وجهه يطغى ويتكبر ويتجبر، لا يفكر كيف كان، ولا كيف منشأه ومبدأه.
ولكن ... يا عزيزي ... لي معك وقفة في ماضيك، ووقفة مع حاضرك.
أما ماضيك الذي أنت نسيته ولم يُنس .. أنك خرجت من بطن أمك عُريانًا باكيًا، جائعًا فمن الذي يسر لك الكوسة وكساك من عدم ؟ ومن الذي منَّ عليك بالاطمئنان وطيبة النفس؟ ومن الذي أشبعك من جوع ... ؟ إنه الله ... إذا علمت الآن فقرك لمن يكون .. إنه له وحده، ليس الفقر يا محب الخير هو فقد المال، لا، إن الفقر الحقيقي هو الفقر إلى الله.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ.
فاعلم أن فقرك إلى الله فقر ملازم لك لا ينفك عنك، كما أن غناه سبحانه غنى ذاتي له، فحاجتك إلى الله دائمة، حينما ابتعدت عن الله واستغنيت عنه، سرت خلف من سرت ولو استشعرت حق الفقر، لما تجرأت على الغني الحميد، ولو علمت فقرك إلى الله لما استغنيت إلا بالعزيز الحميد، فلذلك يا باغي الخير أقبل على الله، واستغن به في كل الأمور، واجعله من تستعين به في النوائب والشدائد والسرَّاء والضرَّاء، فإذا استشعرت فقرك إلى الله، استشعرت ما قابلت به ربك من أعمال، ليكن شعارك:
أنا الفقير إلى رب البريات
أنا المسكين في جموع حالاتي
وقوله:
والفقر وصف لازم لي أبدًا
كما الغنى وصف له ذاتي
أما وقفتي مع حاضرك المعلوم فليس المبخر كالمعاين، فحاضرك تجبر وإظهار للقوة، فإني سائلك من الذي أعطاك هذه القوة ؟ أليس هو الله ؟...على من تتجبر؟ وعلى من تظهر قوتك وسطوتك ؟ أليس الذي أعطاك قادرا أن يسلبك؟ بلى ورب الكعبة .. فأنت تجبرت على مولاك، وأظهرت غناك عنه، فنسيته فنسيك، ومن نسيه الله ضاع حيرانًا في الأرض وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.
وأضرب لك مثلاً .. أليس من صنع هذه السيارة بقادر على أن يبطل نشاطها وحركتها وأن يسلب منها قوتها...؟ بلى ولله المثل الأعلى .
فالذي أعطاك القوة والفتوة قادر على أن يسلبها منك، فكن على حذر أن تؤخذ على غِرَّة : قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ.
وقارون هذا آتاه الله من المال ما يُعجز عن وصفه إلا بقوله تعالى: إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ.
ولكن هذه الدنيا لم تكن لتصلح للتجبر والتسخط، إنما هي التواضع وعدم العلو، فذلك هو الغنى الحقيقي، إنما الغنى غنى النفس .. تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ.
منقول من كتيب اليك احي المسلم