اتصلت علي في ذلك اليوم إحدى الأخوات وقالت : عمري ٢٦ سنة ، وكل صديقاتي تزوجن ، وخفتُ على نفسي أن يفوتني قطار الزواج .
وبدأتُ أبحث عن شخص يعلمني حقيقةَ أمري ، فقد أكونُ مسحورة أو نحو ذلك
ثم تابعتُ شخص في ( انستقرام ) يقول إنه روحاني ويكشف الأسرار ، ثم طلب مني اسمي واسم أمي ، فأعطيته .
فقال : أنت مسحورة بسحر الصرف عن الزواج ، وعندي العلاج ، حولي مبلغ كذا وكذا ، وأرسلُ لك العلاج ، وسوف ينكشفُ عنك السحر وتتزوجين مباشرة .
تقول الأخت : ولكني توقفتُ عن التواصل معه ، ولم أحول له شيء ،
ولم آخذ منه علاج .
وتسأل عن تصرفها ، وهل تأثم ؟
فأقول :
1- لازلتُ أتعجب من هذا التواصل الغريب مع المشعوذين والسحرة عبر مواقع التواصل ، وكيف انخدعت بعضُ الأخوات به ، وهذه ليست المرأة الأولى التي تخبرني بقصتها ، فقد سبقها نحو ثلاث أخوات .
2- إن التوفيق للزواج هو بيد الله ، ولعل الله يؤخره عنك لحكمة يعلمها الله ، فقد يصرفُ عنك هذا الزوج ، لأنه يعلم أنه لايناسبك ، وسوف يختار سبحانه لك الأفضل بإذنه عز وجل .
3- ليعلم كل شخص أن التعامل مع المشعوذين والعرافين والسحرة من المخالفات العقدية الخطيرة .
وتأمل هذه النصوص :
قال صلى الله عليه وسلم : ( مَن أتى عرَّافًا فسأله عن شيء، لم تُقْبل له صلاةٌ أربعين ليلةً ) . رواه مسلم .
وفي الحديث الآخر من أتى كاهنًا فصدَّقه بما يَقول، فقد كَفَر بما أُنزل على محمد ) رواه أبو داود بسند صحيح .
قال الشيخ ابن عُثَيمين - رحمه الله -: قوله:
( فسأله، لم تُقبل له صلاةٌ أربعين ليلةً ) .
ظاهر الحديث أنَّ مجرد سؤاله يُوجِب عدمَ قَبول صلاته أربعين يومًا، ولكنَّه ليس على إطلاقه؛ فسؤال العرَّاف
ونحوِه ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول: أن يَسأله سؤالاً مجرَّدًا، فهذا حرام للحديث ؛ فإثبات العقوبة على سؤاله يدُلُّ على تحريمه؛ إذْ لا عقوبة إلا على فعل محرَّم.
القسم الثاني: أن يسأله فيصدِّقه ويَعتبر بقوله، فهذا كفْر؛ لأنَّ تصديقه في عِلْم الغيب تكذيب للقرآن،
حيث قال - تعالى -:
﴿ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾ .
4- عليك بالدعاء والتعلق بالله في تيسير زواجك ، فإن التوفيق بيد الله ،
قال تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) .
↧
الفتاة التي فاتها القطار
↧