
ذم التــجسس

ذم التجسس والنهي عنه في القرآن الكريم:
- نهى الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن التجسس في آية محكمة وصريحة تدل على حرمة هذا الفعل المشين والخصلة المذمومة, وتبين أثرها السيئ على المجتمع المسلم وعلى تماسكه وترابطه
فقال تبارك وتعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات: 12]).
قال ابن جرير وهو يتحدث عن تفسير هذه الآية:
قوله: (ولا تجسسوا) يقول: ولا يتتبع بعضكم عورة بعض، ولا يبحث عن سرائره، يبتغي بذلك الظهور على عيوبه، ولكن اقنعوا بما ظهر لكم من أمره وبه فاحمدوا أو ذموا، لا على ما لا تعلمونه من سرائره .. ثم ذكر أثر ابن عباس:
(نهى الله المؤمن من أن يتتبع عورات المؤمن)
رواه الطبري في ((تفسيره)) (22/ 304).
وقال الإمام البغوي:
(نهى الله تعالى عن البحث عن المستور من أمور الناس وتتبع عوراتهم حتى لا يظهر على ما ستره الله منها)
❊❋❊
- ومن ذلك قول الله تعالى:
(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا9) [الأحزاب: 58].
وأي إيذاء أكبر من تتبع عورات الناس, والبحث عن سوءاتهم, والتجسس عليهم, وإظهار ما ستره الله من ذنوبهم.
❊❋❊
قال الشيخ ابن عثيمين:
(التجسس أذية، يتأذى به المتجسس عليه، ويؤدي إلى البغضاء والعداوة ويؤدي إلى تكليف الإنسان نفسه ما لم يلزمه، فإنك تجد المتجسس والعياذ بالله، مرة هنا ومرة هنا، ومرة هنا، ومرة ينظر إلى هذا ومرة ينظر إلى هذا، فقد أتعب نفسه في أذية عباد الله)
((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (6/ 251 – 252)..
❊❋❊
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:
(التجسس أن لا تترك عباد الله تحت سترها فتتوصل إلى الاطلاع عليهم والتجسس عن أحوالهم وهتك الستر حتى ينكشف لك ما كان مستورا عنك)
❊❋❊
ففى الحديث:
_فيه تنبيه على أن غيبة المسلم من شعار المنافق لا المؤمن, (ولا تتبعوا عوراتهم): أي لا تجسسوا عيوبهم ومساويهم
(يتبع الله عورته):
ذكره على سبيل المشاكلة أي يكشف عيوبه وهذا في الآخرة. وقيل: معناه يجازيه بسوء صنيعه,
(يفضحه): أي يكشف مساويه, (في بيته): أي ولو كان في بيته مخفياً من الناس)
❊❋❊
وعن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتَبّع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته))
(وقال الألباني في (4880)): حسن صحيح.).
قال الإمام المناوي رحمه الله:
(أي ولوا عن الناس ولا تتبعوا أحوالهم ولا تبحثوا عن عوراتهم ... ألم تعلم أنك إن اتبعت التهمة فيهم لتعلمها وتظهرها أوقعتهم في الفساد أو قاربت أن تفسدهم لوقوع بعضهم في بعض بنحو غيبة أو لحصول تهمة لا أصل لها أو هتك عرض ذوي الهيئات المأمور بإقالة عثراتهم وقد يترتب على التفتيش من المفاسد ما يربو على تلك المفسدة التي يراد إزالتها، والحاصل أن الشارع ناظر إلى الستر مهما أمكن والخطاب لولاة الأمور ومن في معناهم)
((فيض القدير شرح الجامع الصغير)) للمناوي بتصرف يسير (1/ 713)..
اللهم اهدنا وردنا اليك رداً جميلا وآتى انفسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها.

المراجع
موسوعة الأخلاق الإسلامية - الدرر السنية
