
شرح حديث: أي الناس أفضل ؟ قال : " كل مخموم القلب صدوق اللسان


❊ الشرح❊

_" كل مخموم القلب " أي : سليم القلب
لقوله تعالى :( إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (89) الشعراء.
ومخموم من خممت البيت إذا كنسته ..
فالمعنى أن يكون قلبه مكنوسا من غبار الأغيار ، ومنظفا من أخلاق الأقذار ،
( " صدوق اللسان " ) أي : كل مبالغ للصدق في لسانه ، فيحصل به المطابقة بين تحسين لسانه وبيانه
فلا يكون مرائياولا منافقا بل داخله كخارجه نظيف .
قوله : ( نعرفه ، فما مخموم القلب ؟ قال : " هو النقي " ) أي : نقي القلب ، وطاهر الباطن عن محبة غير المولى سبحانه
( " التقي " ) التَّقِيُّ : مَن يَتَّقِي الله تعالى ، مَن يخاف الله ويمتثل لأوامره
( " لا إثم عليه " ) : فإنه محفوظ ، وبالغفران محظوظ ، وبعين العناية ملحوظ ،
فقوله : ( " ولا بغي " ) أي : لا ظلم له
( " ولا غل " ) أي : لا حقد
( " ولا حسد " ) أي : لا تمني زوال نعمة الغير فهو لا مطالبة عليه لا من الخلق ولا من جهة الخالق ،
قال الطيبي رحمه الله :
الجواب يلي إلى قوله تعالى : أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى أي : أخلصها للتقوى من قولهم : امتحن الذهب وفتنه إذا أذابه ، فخلص إبريزه من خبثه ونقاه ، وعن عمر رضي الله عنه : أذهب الشهوات عنها .
( رواه ابن ماجه ، والبيهقي في شعب الإيمان ) .

فوائـــــد من الحديث

الأولى: حرص الصحابة على معرفة أفضل الناس ليكونوا منهم، ولقد كَثُر منهم رضي الله عنهم السؤال عن أفضل الناس وعن أفضل الأعمال في مناسبات عديدة وحصلت من أجوبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فوائدُ عزيزة فجزاهم الله عنا خير الجزاء.
الثانية: ما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - في جوابه فيه بيان من يَستحق أن يوضع على "لائحة الشرف" أو "لائحة الأفضلية" من المنظور الإسلامي، وهو بالتأكيد خلاف المعايير الدنيوية والمنظور الجاهلي.
الثالثة: فضل القلب النظيف وهو معنى (المخموم) فقد قال العلاّمة ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث": (هو من خممتُ البيت إذا كنستَه). وهذا يتطلب مجاهدة قوية لتنظيفه من أهواء البغي والغِلّ والحسد، وما أكثر تلوُّثَ القلوبِ بها! حفظ الله قلوبنا منها وحلاّها بالتقوى والنقاء، وبنُور الذكر والإنابة، والتواضع والخشية.
ورابعها: فضل صدق اللسان والتزامِهِ الحقيقة، ولا تخفى شناعة وبشاعة الكذب، وهو من أخبث الصفات وأدلِّها على اهتزاز ثقة الإنسان بنفسه أو توسُّله بالكذب لفعل الشرّ أو للتعالي على الناس أو للخداع الكاذب لإظهار ما ليس فيه كما في الصحيحين ((المتشبِّع بما لم يُعطَ كلابس ثوبَيْ زُور))!!
أجارنا الله من وَسَخ القلوب وكَذِب الألسن، وحِفَظنا بما يحفظ به قلوبَ وأَلْسُن عبادِهِ الصالحين. إنه أكرم الأكرمين.

المراجع:
_مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
كتاب الآداب » كتاب الرقاق
الشيخ علي بن سلطان القاري رحمه الله
_حسن قاطرجي
_بتصرف منى
